ذكريات من هناك..

ه بعد ما تعارف على تسميته بين المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة بـ”حرب عام 2014 “، التقينا لنتبادل الحديث عن تلك الأيام الدموية: كان صديقي شادي، أحد متطوعي الهلال الأحمر الفلسطيني بمدينة غزة، وشاهداً حياً على أبشع اللحظات التي عاشتها غزة في تلك الأيام. سعى هو وزملاؤه من المتطوعين إلى تخفيف مآسي الحرب عن مئات الألوف من المدنيين، في ظل ظروف رهيبة: تواصل القصف الإسرائيلي العنيف، وصعوبة الظروف الحياتية في ظل شح الطعام والماء والكهرباء، مع فرار الآلاف من بيوتهم بسبب الحرب.

قدم شادي ورفاقه من المتطوعين بالهلال الأحمر “بطولات بقيت في الظل”، كالمساعدة في إخلاء الجرحى والشهداء من أماكن القصف وخطوط المواجهة الأولى، والتي كانت خطيرة بحق وتعرضت خلالها حياتهم للخطر عشرات المرات، مع إدراكهم جميعاً أن تحركهم السريع والسليم في آن معاً قد يساهم في إنقاذ حياة العديد من الناس الأبرياء. كان لكل دقيقة- بل ولكل ثانية أحياناً- ثمن، فقد تساهم في إنقاذ حياة إنسان يتعرض لخطر الموت.

جذب نفساً من سيجارته، قبل أن يواصل حديثه معي:” استشهد الكثير ممن حاولنا نقلهم للعلاج بالمستشفيات، وكثيراً ما ملأنا سيارات الإسعاف بما يفوق قدرتها كثيراً على النقل، واضعين الجرحى والشهداء جنباً إلى جنب. كنا أنا وزملائي وموظفي الهلال الأحمر نسعى إلى القيام بما يتوجب علينا فعله، في ظل ظروف انعدام الإمكانيات، ومواجهة الخطر بشكلٍ مباشر. أتذكر شعوري المرير بالعجز التام وقد رأيتُ حالات عدة تحتضر في سيارات الإسعاف، بعضها أسلم الروح بين يديَّ “.

 سألته عن أقسى تجاربه خلال تلك الحرب والتي أثرت فيه إلى أقصى درجة. صمت قليلاً، قبل أن يقول: ” يوم مجزرة حي “الشجاعية” بغزة لن أنساه أبداً: كان جيش الاحتلال قد قصف الحي بشكل مكثف، وكنا ندرك وجود المئات من الشهداء والجرحى فيه. انتهزنا فرصة وجود هدنة لنقل الشهداء والجرحى لخمس ساعات كي ندخل الحي: ذهبت إلى أحد منازله شبه المدمرة. رفعت باب إحدى الغرف لأجد أسفله فتاة صغيرة لا يزيد عمرها عن الثانية عشرة، بيضاء البشرة، شعرها كستنائي وجميل، وعيونها عسلية واسعة. كانت تبتسم أجمل ابتسامة يمكن أن تتخيلها.

أردتُ سحبها ونقلها لسيارة الإسعاف، لكن زميلي هتف بي محذراً: ” لا يا شادي..!” ثم قال لي بالإنجليزية:” It’s a brain out case..! “. انتبهت ساعتها للحقيقة الرهيبة: لقد كان مخها خارج جمجمتها بالفعل، ولم أنتبه إلى ذلك، في ظل الخوف من تجدد القصف والضغط الذي عشناه! لا يمكننا نقلها إذن.. فما الذي يمكنني أن أفعله الآن؟؟ لقد كانت تموت أمام عيني!!

طيلة تلك الثواني، بقيت الطفلة مبتسمة، قبل أن تتلو الشهادتين، ثم لفظت أنفاسها، وقد بقيت ابتسامتها كما هي، ولن أنساها ما حييت! أخذنا جثتها من المكان، ولأبقى أنا بعدها ثلاثة أيام، دون أن تطاوعني نفسي على تناول الطعام بسبب هول ما رأيت..! “.

Sayed Ismail

Advertisement

ميدان الجيزة

ه كانت الشوارع مزدحمة مثل كل عام فى ذلك الوقت وبعد أن انتهينا أخيراً من شراء مستلزمات العيد تمكنا بصعوبة من إيجاد تاكسى بعد ساعاتين من الانتظار. لفت انتباهنا فى البداية صوت الكاسيت المرتفع بالقرآن وفى منتصف الطريق سألنا السائق: ميدان الجيزة؟

Continue reading

Il girone di ritorno

“Quando ero piccolo seguivo mio padre, pescatore, nelle sue uscite verso le coste tunisine; lampedusani e tunisini pescavano nello stesso mare, lo stesso pesce azzurro con le stesse reti. Spesso ci fermavamo per qualche giorno a Moknine, Mahdia, Monastir, in qualche porto tunisino e giocavo a calcio con i bambini del posto, ed è lì che ho imparato a parlare la loro lingua”. Continue reading

هكذا يحتفل

ه غداً موعد الرحلة التىانتظرناها طويلاً ولكن لن يأتى معنا حامدكعادته فلقد ألحينا عليه جميعاً أن يأتى معنا ولكن دون جدوى فحامد دائم المكوث بمفرده ويبدو أنه لا يحب الارتباط بزملاء العمل أكثر من اللازم فأراد المكوث بمفرده فىالمنزل أو هكذا قال. لايهم الآن ماذا قال حامد فهذا الأمر لم يعد يعنينا ما يعنيناالآن أن نذهب إلىالرحلة ونستمتع بالشمس والبحر بعد أيام عناءوعمل دائم .

Continue reading

قصة الرقم 22

ه سأروي لكم قصته يا سادة،مؤكدا على أن لقاءه لم يكن سوى محض مصادفة ،أنا الذي لا أؤمن بالصدف على عكسه هو…سأصيغها بكلماتي وأظنه سيعذرني ولعلها تكون مقتضبة فما أردت إلا أن تسمعوا صدى صوته الواهن عبر هذه الكلمات التي أنتم بصدد قراءتها

Continue reading

‎الجبل وناطحة السحاب

ه مزاج الغرفة ساكن والوقت مفقود. كلما مد الهواء يده وحرك الستائر تسلل النور داخلالغرفه يتلاعب بجفون نوّار. تفتح نوّار عينيها وكأنها وُجدت للتو. لامعنى للذاكرة ولالقادم الأيام، هي الآن هنا وهو أنفس قيمة تحملها. لاشيء تسعى إليه، لامدرسة تتنافس فيها ولاأوامر تلزمها ولاواجبات تؤديها. كانت دائما تقضي الصيف في منزل جدها الذي بناه بيديه على أطراف ضيعة غافية فوق جبل التين والزيتون المنسي.

Continue reading

إشارة مرور

ه طاف بأعوامه التسعة بين نوافذ السيارات المغلقة أمام برودة ذلك الصباح القارص من صباحات شهر يناير ، ملابسه مهترئة ، يرتدى قميصا أسودا خفيفا ، يظهر تحته جزء من شيئ كان فى الماضى بلوفر ، قطعة صوفية رثة  بنية اللون ، يرتدى بنطلونا من المفترض أنه جينز لكن لونه الأزرق إفتح من كثرة الإستخدام حتى بدا كأنه أبيض ، مشمر اليدين ، يرتدى شيئا ما فى قدميه ، يطل منه أصابعه ا المختلطة  بوحل  الشوارع ،كدت أجزم أن بعضا منها أوشك على التجمد ،  شعره  أشعث بنى اللون ، يتكور فى حلقات مغطاه بالغبار  ، ووجهه قمحى ، يبدو عليه الإرهاق والجوع الشديد ، يحمل بيديه علب مناديل صغيرة ، فجأة توقف عند تلك السيارة السوداء الفارهة ، كان البيه الجالس فاتح نصف النافذة فوجدها فرصة سانحة ، إقترب منه ” مناديل يا بيه” Continue reading